Notice: _load_textdomain_just_in_time تمّ استدعائه بشكل غير صحيح. Translation loading for the lightmag domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. من فضلك اطلع على تنقيح الأخطاء في ووردبريس لمزيد من المعلومات. (هذه الرسالة تمّت إضافتها في النسخة 6.7.0.) in /home/saaa25or/public_html/bakoka/wp-includes/functions.php on line 6114
حوار مع عبدالله تركماني عضو المجلس الوطني السوري – البعكوكة 25

حوار مع عبدالله تركماني عضو المجلس الوطني السوري

هيئة التحريرآخر تحديث :
abdlh tork 380

abdlh tork 380نطلب الحماية لشعبنا لمنع حرب “آل الأسد” الأهلية
الشباب في الميدان شكلوا المعارضة الجديدة ويقودون الثورة
نناضل من أجل سوريا جديدة ودولة مدنية، ديمقراطية، تعددية
يمكن الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية بممثلي الثورة، وممن لم يرتكبوا جرائم بحق الشعب السوري من النظام.

نحن مع السلم الحقيقي والحقوق الطبيعية للشعب الفلسطيني بدولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشريف.

حوار: موفق مطر

كان قول رئيس المخابرات السورية بدرعا -ابن خالة بشار الأسد- لشيوخ العشائر وآباء التلاميذ الصغار المعتقلين لدى الجهاز كافيا لإطلاق شرارة ثورة الشعب السوري فالاستبداد المتأصل دفعه للإجابة على إطلاق سراح أطفالهم: انسوا أولادكم.. (جيبوا غيرهم) -أي دعوا نساءكم تلد غيرهم- وإذا لم تستطيعوا فابعثوا لنا نساءكم!!

أكثر من 7آلاف شهيد، وعشرات آلاف الجرحى المصابين ومثلهم من المعتقلين، مئات آلاف المهجرين، واللاجئين إلى دول الجوار، أحياء مدمرة، بيوت ركام فوق رؤوس ساكنيها، فللحرية ثمن ولشعب الحضارة والأبجدية ثورة ستنتصر وتحقق هدفها ببناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية لكل مواطنيها، ثورة تعيد مكانة الشعب السوري الحقيقية من القضية الفلسطينية وعلاقته التاريخية مع شعب فلسطين، فالثورة السورية مصلحة فلسطينية، والدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف مصلحة للشعب السوري.

يشرح الدكتور عبد الله تركماني عضو المجلس الوطني السوري نائب رئيس مكتب التخطيط والسياسات في لقاء تنفرد به جريدتنا إرهاصات الثورة، وقائعها، أهدافها، ويجيب على تساؤلات حول أبعاد وتداعيات التدخلات الخارجية، وقدرة الشعب السوري على الحفاظ على وحدته الوطنية ومنع حرب أهلية يحشد لها آل الأسد.

فقال في البداية: أود التعبير عن سعادتي وشكري للحياة الجديدة التي سمحت لي بهذه الفرصة الطيبة لمخاطبة الرأي العام الفلسطيني، الذي عايشت ثورته منذ ستينيات القرن الماضي، ومازلت اعتبر نفسي جزءا منه، ومن تطلعات الشعب الفلسطيني وأمانيه وأهدافه في الحرية والاستقلال وقيام دولته المستقلة ذات السيادة بعاصمتها القدس.

الحياة الجديدة: لكل ثورة حادثة تكون بمثابة الشرارة، وإرهاصات لا يحتمل الشعب الصبر عليها أكثر، لكنكم صبرتم أربعين عاما.. فلماذا الثورة السورية الآن؟
تركماني: انطلق الحراك الثوري السوري من مقدمات، تتعلق بطبيعة النظام السوري الدكتاتوري منذ عام 1970 وهي سنة استيلاء حافظ الأسد على السلطة، وإنشاء نظام أمني عمل على تحويل الدولة إلى دولة أمنية. حيث عانى الشعب السوري من قمع الأجهزة الأمنية التي حكمت السيطرة على البلاد وتحكمها منذ العام 1970 وحتى اليوم.. فبات إذلال المواطن منهجا، وقمع المطالبين بالحرية والتعددية بلا رحمة أسلوبا، وحبس المناضلين وسيلة لردع مطالب الشعب بالحرية، ومثالنا على ذلك حبس المناضل رياض الترك 18 عاما في زنزانة منفردة وغيره الكثيرين.. حتى مجزرة حماه عام 1982 التي راح ضحيتها عشرات آلاف السوريين والتي تعتبر الأسوأ في تاريخ سجل النظام الظالم.

فقر بطالة.. ومنظومة أمنية:
 أما على الصعيد الاقتصادي فقد تم تجيير وتوظيف الاقتصاد لخدمة بورجوازية تكونت من كبار ضباط الأمن الذين امسكوا مفاتيح الاقتصاد، فعمت البطالة وزادت معدلات ونسبة الفقراء، واختلت موازين الانسجام بين التعليم وسوق العمل، أما التعليم فقد تم تسييسه، فاجبر الطلبة منذ المراحل الابتدائية على الدخول فيما يسمى طلائع البعث  ومن بعدها في المراحل الإعدادية والثانوية اجبروا على الانخراط في  الشبيبة، فتعرض 60% من الشعب السوري المولودون ما بعد العام 1970 أو الذين عاشوا تحت وطأة هذه المنظومة الأمنية لعمليات غسيل دماغ.

بشار ابن أبيه !!
في العام 2000 تفاءل الناس في بلادنا خيرا ظنا منهم أن بشار الأسد إصلاحي، وانه ليس مسؤولا عن المرحلة السابقة، فتمنى المثقفون وبعض النخب السياسية أن يفتح أمل جديد بصفحة جديدة.. لكنه بعد أشهر قليلة تبين أن بشار ابن أبيه، فزج بأعضاء ربيع دمشق في السجون، فتبين انه ليس جادا بدعوته الإصلاحية، لكن النخبة عادت للتفاؤل بفتح أفق جديد مع انعقاد المؤتمر العاشر لحزب البعث، لكن الخيبة كانت أكبر، إذ خرج المؤتمر بدون الحد الأدنى من متطلبات الإصلاح الحقيقي.. فقررت النخبة الانتقال من شعار الإصلاح إلى شعار التغيير، فبرز إلى الوجود إعلان دمشق للتغير الوطني الديمقراطي في 16 أكتوبر عام 2005 حيث ضم تيارات وطنية وقومية ويسارية وليبرالية وإسلامية، إذ دعا إعلان دمشق إلى التغيير وقطع الصلة مع التفكير بأن يكون النظام إصلاحيا في يوم ما. وفعلا اعتقلت أجهزة امن الأسد أكثر من 60 شخصا من أصل 164 عضوا وصدرت أحكام بسجن 12 منهم بعد محاكمات صورية.

– تدهور الأمن منذ العام 2007 حتى 15 مارس 2011، وتضاعفت انتهاكات حقوق الإنسان، وارتفعت نسبة الفقراء ومعدلات البطالة، وازدحمت السجون بالمعتقلين السياسيين.

– استبشرت الشعوب العربية خيرا عندما انطلقت الثورة التونسية، وتنامت آمالها بالخلاص من الدكتاتورية إن وحدت رؤاها، وجمعت إراداتها.

المس بالشرف… وشرارة الثورة السورية:
– أما الحادثة المباشرة للثورة السورية فهي أن 15 تلميذا في المرحلتين الابتدائية والإعدادية كانوا تأثروا بما شاهدوه من شعارات رفعها المتظاهرون التونسيون ومنها الشعب يريد إسقاط النظام فنسخوها بوسائلهم على الجدران في طريقهم إلى مدارسهم بمدينة درعا، فاعتقلتهم الأجهزة الأمنية، وانتظر أهاليهم عودتهم بعد التحقيق معهم، لكن دون جدوى فشكلوا فريقا من أهالي التلاميذ وكبار شيوخ العشائر لمقابلة محافظ المدينة ورئيس المخابرات ( ابن خالة بشار ألأسد )، فكان الجواب صاعقا إذ قيل لشيوخ العشائر الشرفاء حرفيا: انسوا أولادكم.. روحوا جيبوا غيرهم..- أي دعوا نساءكم تلد غيرهم – واذا لم تستطيعوا ابعثوا لنا نساءكم فكانت بمثابة الشرارة التي اشعلت نار الثورة. فبدا الحراك في درعا في 15 مارس العام الماضي، ثم انتقل إلى بقية المدن السورية.

سلمية سلمية.. شعب واحد:
– انطلقت الثورة بشعارات واضحة مثل: سلمية سلمية.. وحدة وحدة وطنية.. واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد وكان الشباب يبرزون صدورهم العارية في مواجهة قوات ألأمن، واستمر الوضع كذلك حتى الشهر الثامن – آب- من السنة الماضية، لكن رفض النظام للنداءات الخيرة للبحث عن حلول سياسية، وتمسكه بالحل الأمني ولغة التنكيل والقتل والقمع، دفعت شعبنا لأشكال جديدة من النضال وتوفير الدفاع عن النفس باعتباره حقا مشروعا حفظته مواثيق الأمم المتحدة، اذ كان من الطبيعي رفض ضباط وجنود من الجيش السوري أوامر قيادتهم العليا والميدانية بقتل المتظاهرين واطلاق الرصاص الحي عليهم، فقرروا الانضمام والانحياز لشعبهم والانضمام إلى المظاهرات، وبدأوا فيما بعد بتشكيل الجيش السوري الحر في تلبيسة بحمص وحددوا مهامهم بالدفاع عن المتظاهرين المدنيين.

نظرا للطبيعة والعقيدة الوطنية للجيش السوري بشكل عام، كان طبيعيا تجسيم الروح الوطنية الحقيقية لجيشنا السوري، حتى أن بعض المدنيين ممن كانوا قد خدموا بالجيش قد انضموا للجيش الحر الذي اخذ يتشكل بقيادة ورتب وهيكلية، فرحب الشعب بدور الجيش السوري الحر، ونسق المجلس الوطني السوري الذي يمثل ضمير الثورة ويعكس إرادة الشعب السوري مع الجيش السوري الحر بعدة اجتماعات عمل خلالها المجلس على تأمين متطلبات الجيش الحر.

الحياة الجديدة – ألا تخشون من استغلال تنظيمات وجماعات لها مشاريعها الخاصة للثورة السورية ومظاهر السلاح بأيدي الجيش السوري الحر، وانعكاس هذا الاستغلال على مبادئ وأهداف الثورة السورية؟

تركماني: لاشك ان مؤثرات اقليمية ستكون حاضرة. لكن التفكير يذهب نحو الأولويات، فاستمرار النظام بالحل الأمني وقتل الآلاف واعتقال عشرات الآلاف، ومئات آلاف المجبرين على الهجرة إلى دول الجوار، فان الأولوية بالنسبة لنا حماية المدنيين، فنحن على يقين بأن العامل الشعبي الداخلي هو الأساس، وعلى العرب والقوى الاقليمية المساعدة بتحديد ممرات آمنة وايصال الغذاء والدواء، واجبار النظام على القبول بخارطة الطريق العربية – المبادرة العربية – وسحب قواته والكف عن القتل والسماح بالمظاهرات وسيرى العالم حجم اندفاع شعب سوريا إلى الشوارع بمظاهرات سلمية تطالب بالحرية والديمقراطية.

قيادة المعارضة الميدانية:
الحياة الجديدة– هناك حديث عن معارضة سورية مبعثرة لم تستقر على برنامج، وسمعنا هذا من أمين عام الجامعة العربية، فإلى أي مدى يقترب مؤشر هذه النظرة من الحقيقة؟

تركماني: ينقسم اصحاب هذا القول لقسمين، منهم يتحدث عن حسن نية هادفا لتوحيد رؤى المعارضة وإبرازها بدور قوي، فيما يسعى الآخر لتشويه المعارضة السورية متناسيا ان الحديث عن المعارضة يجب ان ينسب لتاريخ سوريا المعاصر، فمنذ وصول حزب البعث للسلطة وبلادنا لم تعرف حياة سياسية تعددية ديمقراطية، فالمعارضة السورية تشكلت في ظروف العمل السري، وعانت خلال 48 عاما من الاضطهاد والنفي والقمع اودى بقياداتها إلى المنافي، لكن رغم هذا استطاعت رموز ثقافية وسياسية تشكيل حالات معارضة، فمنذ عام 1980 عندما بدأ الصراع بين الإخوان المسلمين والسلطة طرح التجمع الوطني الديمقراطي ما سمي حينه بالطريق الثالث للخروج من مأزق سوريا السياسي آنذاك، أي أن المطروح لم يكن خيار القوى الإسلامية ولا خيار السلطة، وانما خيار الدولة الديمقراطية، وعانى المناضلون من شتى المدارس السياسية للاضطهاد والقمع، فعند الحديث عن المعارضة يجب مراعاة نشأتها وتطورها وظروفها، فحتى الدول الديمقراطية ثمة اختلافات بين كتل المعارضة، فكيف وسوريا قد عاشت اوضاعا غاية في الصعوبات ألأمنية والتعقيدات..

لكن الثورة السورية قد غيرت المعادلة إذ ثمة معارضة جديدة تشكلت من شباب الثورة في الميدان، هي التي تقود الثورة، وثمة سياسيين تقليديين انخرطوا فيها متجاوبين، وهناك من بقي حتى الآن على هامشها.

تشكلت مجموعتان من المعارضة، الأولى: المجلس الوطني السوري الذي يضم الذين ايدوا الثورة منذ البداية، وانخرطوا فيها، والثانية هيئة التنسيق الوطني، التي بقيت تحوم في اوهامها حول اصلاح النظام، فالحديث عن المعارضة هو حديث عن المجلس الوطني الذي يهدف لقيام دولة ديمقراطية، وعن الذين يبدون تخوفات ويؤمنون بالحل الداخلي، مع العلم أن كل التطورات الجارية تدل على عدم امكانية أي حل داخلي بمعزل عن المؤثرات الاقليمية والدولية، لايعني هذا التقليل من اهمية نضال رموز في هيئة التنسيق، فنحن نعرفهم جيدا وكانوا معنا في التجمع الوطني الديمقراطي.

الممثل الشرعي للشعب السوري:
 الحياة الجديدة_طرحتم في البيان التاسيسي الهدف النهائي للثورة، لكن لماذا لم يطرح رؤية لسوريا الجديدة، وهل لدى المجلس نظرية عمل مستقبلية لبرنامج سياسي، ثقافي، اجتماعي، اقتصادي؟

تركماني: منذ الثورة في 15 مارس بدا الحراك الشعبي في سوريا، وتحرك السوريون بالخارج، وبدأوا بعقد مؤتمرات في بروكسل والقاهرة واسطنبول، فطرحت عمليا سبل التلاقي مع الثورة والنضال من اجل دولة ديمقراطية مدنية تعددية حديثة، دولة لكل مواطنيها.

جاء المجلس كحوصلة لكل هذه المؤتمرات، في 2 اكتوبر 2011، وضم ممثلي تيارات فكرية وسياسية من ليبراليين ويساريين وقوميين واسلاميين، وجاء تعبيرا عن ائتلاف واسع بين ممثلي اعلان دمشق للتغيير الديمقراطي وحركة الأخوان المسلمين وليبرالين من المستقلين..

بعد اعلان البيان التأسيسي خصص شعبنا جمعة تحت عنوان: المجلس الوطني يمثلنا، ولاقى هذا استحسانا في الداخل والخارج فاصبح واضحا ان المجلس الوطني بتياراته المتنوعة هو الممثل الشرعي للشعب السوري، وهذا يطرح عليه مسؤوليات ومهمات كبيرة جدا، اهمها ايصال صوت الثورة إلى المجتمع الدولي، لذلك طغى على حراكه في الشهرين الأوليين مهمة توفير الجانب السياسي لاظهار اهداف الثورة، مع توسيع قاعدتها، وكان يعمل على عقد مؤتمر تاسيسي للهيئة العامة للمجلس، وهكذا تم عقد المؤتمر في 17- و18 ديسمبر بتونس، باعتبارها منطلق ربيع الثورات العربية، إلى جانب التسهيلات التي قدمتها القيادة التونسية.

مأسسة المجلس وحماية المدنيين:
كان المؤتمر فرصة ليتداول اعضاؤه كل المسائل المطروحة، فبدأ المجلس يتمأسس، حيث تم تشكيل 11 مكتبا متخصصا، يشغله اعضاء متخصصون في عدة مجالات، منها على سبيل المثال: مكتب العلاقات الخارجية، الاعلام، الاغاثة، التخطيط والسياسات، التنظيم والادارة، المكتب القانوني، ومكتب الجاليات، فمكتب التخطيط يهتم بالمسائل الاقتصادية والثقافية والاجتماعية في المرحلة القادمة الانتقالية في سوريا، وصدر عن المؤتمر بيانا ختاميا وتم اقرار النظام الأساسي. لكن ضغط الأحداث اخرت نسبيا عمل هذه المكاتب، فقد انشغلت قيادة المجلس في كيفية حماية المدنيين وبمشروع مبادرة الجامعة العربية، فيما عملت بعض المكاتب وأخذت نتائجها تظهر على ألأرض.

الحل الأمني فتح شهوة التدخلات الخارجية:
الحياة الجديدة– ماحجم ونوعية تدخل ايران وحزب الله ضد الثورة السورية حسب معلوماتكم وما انعكاسه على الجماهيرفي الشارع؟!

تركماني: اختيار النظام للحل الأمني يعني غلق البابا اما الحل الداخلي، ففتح سوريا وشرع ابوابها لتدخلات اقليمية عديدة، في هذا الاطار برز التدخل الايراني الفاضح في سوريا وكذلك حزب الله.. وكذلك التدخل الروسي، فنحن كسوريين نرفض ان نكون ساحة لحرب باردة جديدة بين روسيا والغرب، فما معنى البواخر المسلحة وحاملات الطائرات، مامعنى وقوف روسيا ضد اي قرار دولي يدين جرائم النظام ومجازره، وبالمقابل فان من حق شعبنا وممثله المجلس الوطني أن نتحرك اقليميا ودوليا من اجل استدراج الدعم لحماية المدنيين.

الأصدقاء الروس.. والشعب والنظام:
الحياة الجديدة– ما سر الموقف الروسي حسب تقديراتكم؟ وهل يتعلق الأمر بمصالح مع النظام أم هي مساومة روسية مع دول كبرى في مجلس الأمن؟

تركماني: هناك علاقات تاريخية تقليدية بين سوريا وروسيا، منذ عهد الرئيس شكري القوتلي وتعززت هذه العلاقات منذ مابعد الاستقلال، فالشعب السوري لاينسى الدعم السوفييتي في صراعه مع المشروع الصهيوني، ما يجب ان يعرفه الروس أن ثمة فرقا كبيرا بين الشعب السوري والنظام المفروض عليه، اذ يبدو ان ألأصدقاء الروس لايفرقون بين الشعب والنظام. عندما التقى المجلس الوطني السوري مع المسؤولين بروسيا حاولوا اقناع قيادة المجلس بأن يقود بشار الأسد عملية الاصلاح والانتقال الديمقراطي، لكن المجلس حسم امره بالجواب أن لابديل عن رحيل بشار الأسد، وانه يمكن الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية بممثلي الثورة وبعض رجال النظام القائم الذين لم يرتكبوا جرائما بحق الشعب.

استخدام المقاومة كأوراق مساومة!
الحياة الجديدة– هل تعتقدون ان النظام مازال قادرا على استغلال شرعية اكتسبها من استخدامه المقاومة والممانعة والصمود والمصطلحات الوطنية والقومية؟

تركماني: من يتابع مسيرة النظام منذ العام 1970 حتى اليوم يدرك تماما انه لم يكن يوما مقاوما ولا ممانعا، فحافظ الأسد منع الجيش السوري من حماية الفدائيين الفلسطينيين في الأردن عام 1970، لم يمنع مجزرة تل الزعتر عام 1976، اما موقفه من اجتياح العام 1982 والحرب على لبنان حينها فكان مخزيا فدفع جيشنا الثمن من افراده وضباطه، إلى جانب دعمه للمنشقين في العام 1983 وحصار الرئيس القائد الراحل ياسر عرفات في طرابلس، ودعمه قوات حركة امل عام 1987 في هجماتها الحربية على المخيمات، وصولا إلى ارسال قوات للمشاركة مع قوات الحلف الأطلسي في حفر الباطن في حربه على العراق. هذه الأحداث وما جاء بعدها في عهد الوريث بشار ألأسد تدل بشكل قاطع على ان النظام كان يستخدم الصراع مع إسرائيل وشعارات الممانعة والمقاومة كأوراق مساومة دبلوماسية لعلاقاته الإقليمية والدولية، والدليل أن دخوله إلى لبنان عام 1976 قد تم بالاتفاق مع أميركا وإسرائيل للتمهيد لعملية إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، أما على صعيد المقاومة اللبنانية فيجدر بنا الملاحظة ان النظام قد حولها من مقاومة وطنية جمعت الوطنيين واليساريين والقوميين إلى مقاومة ذات طابع طائفي، فتحت المجال لنفوذ ايراني واسع المجال في لبنان.

انتصار الثورة السورية مصلحة فلسطينية:
الحياة الجديدة – أين مكانة فلسطين في الفكر المحرك للثورة السورية؟

تركماني: كانت فلسطين ومازالت وستبقى في قلب كل مواطن وكل مثقف وسياسي سوري، فكل القوى في المجلس الوطني يشهد لها التاريخ على موقفها من الثورة الفلسطينية والقضية والشعب الفلسطيني، فنحن نعتقد ان انتصار الثورة السورية يعني عودة الشعب السوري بعزيمته الجديدة وحضوره القوي ليكون داعما لمنظمة التحرير الفلسطينية، للمطالب العادلة للشعب الفلسطيني وحقه في دولة فلسطينية مستقلة.. لكن اولويات المجلس في هذه المرحلة تنصب على الوضع الداخلي وتفاعلاته، لذا فانه قد لايظهر هذا الموقف جليا في هذه المرحلة، ومما لاشك فيه أن المواقف الخاطئة لبعض المنظمات الفلسطينية في دمشق ليست مشرفة للعلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين الفلسطيني والسوري، لكنها لن تؤثر على الروابط القوية بين الشعبين والدعم المتبادل.

نحن ندرك ان انتصار الثورة السورية مصلحة فلسطينية، كما أن تحقيق الشعب الفلسطيني لأهدافه في الحرية والاستقلال مصلحة عظيمة للشعب السوري.

لابد من ذكر احدى اروع صور مآثر العلاقة الانسانية الأخوية بين الشعبين فقد ابدى طبيب فلسطيني في واشنطن استعداده لوضع عيادته في الأردن بخدمة اللاجئين السوريين وعلاجهم وتقديم الخدمات الطبية لهم مجانا.

لمنع حرب آل الأسد ألأهلية:
الحياة الجديدة- ألا تخشون من استغلال الدول الكبرى لحاجة الشعب السوري للحماية، فتتدخل في الشؤون السيادية لسوريا بعد انتصار الثورة؟

تركماني: لاشك لدينا أن الدول الكبرى تتحرك وفقا لمصالحها، وليس طبقا لقوانين حقوق الانسان فحسب، فقد يصل تدخلها إلى حد التدخل العسكري، الذي نعمل على ألا يمس سيادة التراب السوري (بدون احتلال) وان يتم بالتنسيق مع المجلس الوطني السوري، المعبر الشرعي عن السيادة السورية … وهنا لدينا سؤال: ألم يقبل العرب والمسلمون تدخل الناتو في البوسنة للدفاع عن المسلمين في مواجهة دكتاتورية ميلوسيفيتش وقواته العنصرية، وفي ليبيا أيضا؟!

يبدو أن النظام السوري يدفع باتجاه حرب اهلية في سوريا كونه يملك السلاح ويحشد لها طائفيا، ويدفع الأقليات ويسلحها تحت عامل الخوف، لكن الشعب السوري بكل مكوناته متمسك بوحدته الوطنية الشاملة ومازال شعار مظاهراته: واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد، لقد اغتال شبيحة الأسد الأب باسيليوس نصار في مدينة حماه فيما كان يحاول انقاذ متظاهر جريح.

لقد غلّب المثقفون السوريون الانتماء الوطني على الطائفي والمذهبي، وأصدروا موقفا وطنيا مشرفا، حملوا النظام مسؤولية الدفع باتجاه الحرب الأهلية في سوريا، وفي هذا السياق لعل التدخل الدولي يقطع الطريق على مخططات آل الأسد ومن لف لفهم في دفع سوريا نحو اتون حرب اهلية.

نحن نؤمن بان ترتيبات المجتمع الدولي بعد نهاية الحرب الباردة، وخاصة في تعزيز دور الأمم المتحدة وامتلاكها لمؤسسات للدفاع عن حقوق الانسان من الانتهاكات، وتحولاتها في مفهوم السيادة، يدفعنا للتوجه نحو مطالبة المجتمع الدولي للتدخل وتوفير حماية لشعبنا، ومناطق آمنة للجيش الحر وممرات آمنة للمواطنين لايصال الغذاء والدواء، ولتأمين متطلبات العيش الكريم لشعبنا.

سوريا الجديدة بعد الثورة:
الحياة الجديدة– ماذا سيقدم المجلس الوطني لسوريا؟ كيف ستكون صورتها الجديدة في رؤيتكم المستقبلية؟

تركماني: سوريا المستقبل بعد انتصار الثورة والاطاحة بالنظام وأركانه ستكون لكل مواطنيها، لا تفريق او تمييز بين جنس أوقومية او طائفة، ستكون دولة مدنية ديمقراطية، تعددية، توظف الامكانيات والقدرات والموارد البشرية والمادية من أجل اعادة بناء سوريا الجديدة، فشعب سوريا معطاء بلا حدود، سنبني سوريا على قاعدة اهل الكفاءة وليس الولاء الشخصي او الحزبي او الطائفي كما كان سائدا.

ستكون سوريا المستقبل في موعد مع العدالة الاجتماعية، ستكون دولة امان واستقرار في الشرق الأوسط، تدفع باتجاه السلام الحقيقي العادل الذي يؤدي إلى الحقوق الطبيعية للفلسطينيين في دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشريف وبعودة الجولان إلى التراب والسيادة السورية.

ستكون سوريا جزءا من اقليمها العربي في اتجاه توحيد جهود الشعوب العربية، والتقدم والتنمية والتضامن الحقيقي الفاعل.

————————–
* نشر في صحيفة “الحياة الجديدة” الفلسطينية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة